
المؤمنون بلغ بهم إيمانهم إلى درجات عليا من الإنشداد نحو الله سبحانه وتعالى، والرغبة في الحصول على رضاه, والرغبة فيما وعد به أولياءه المؤمنين فأصبحوا لا يحتاجون - تقريباً - إلى من يعرضهم على الله ليبيعهم منه، بل هم من ينطلقون ليبيعوا أنفسهم من الله، ليبيعوا أنفسهم, وأموالهم من الله، فالله يأتي ليشتري، وبالشكل الذي يوحي، وكأنها لم تحصل مساومة بل هم انطلقوا ليعرضوا أنفسهم, وأموالهم في سوق الله؛ ليحصلوا على ذلك الثمن العظيم [الجنة]، {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} (التوبة: من الآية111) ماذا يريدون من أنفسهم وأموالهم عندما باعوها؟ هم يريدون الجنة .. باعوها منه ابتغاء رضاه فمنحهم رضاه, ومنحهم الجنة.
وعندما باعوها باعوها بصدق [بيع صَرْم نافذ] كما نقول [وطرقوا صَبّ وصَلَب وسَيْل وغَيْل] كما نقول نحن في مبايعنا على هذا النحو .. فانطلقوا ليقاتلوا في سبيل الله، وليس فقط بيع وعاد فيه خيار، وعاد با أشوف الوالد إذا با يرضي، والوالدة إذا هي با توافق إذا أعجبها السعر وأعجبها الثمن لا بأس سيبيع وإلا فلا. لا, بيع صَرْم نافذ يريدون الجنة، يريدون رضا الله.
ففيما تَجَسُّد هذا البيع؟
تجسد في قتالهم في سبيل الله، ذلك الميدان الذي يتطلب بذل النفس والمال، فهاهنا يكون البيع، وهاهنا يكون الشراء من الله سبحانه وتعالى {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (التوبة: من الآية111) وعندما ينطلقون للقتال في سبيل الله لا يتصورون بأن مجرد البيع هو أن يحضروا ميدان المواجهة بل ينطلقون في خوض الصفوف في غَمَرَات الأهْوال يقاتلون, وليس فقط يتفرجون كما كان بعض أولئك ممن يوصفون بأنهم عظماء فيقال عنهم بأنهم كانوا يحرسون رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) في معركة بدر ومعارك أخرى فنراهم عندما تصول الصولة من جانب الكافرين يكونون هم من أوائل من ينهزمون فيتركون النبي (صلوات الله عليه وعلى آله)، فليسوا هم من قاتل في الميدان، وليسوا هم من حافظ على النبي في وقت الخطر، هذا ليس بيعاً.
اقراء المزيد